تأليف: عماد الدين عثمان البنتني
استحكمت نهضة العلماء في تطوير الأخوة النهضية وهي عبارة عن توافر ثلاث اخوات: الأخوة الاسلامية والأخوة الوطنية والأخوة الإنسانية متى انتفى واحد من هذه الثلاث فلا تسمى الأخوة النهضية.
هذه الأخوة الثلاث ألقاها الشيخ أحمد صديق الجمبري الرئيس العام لنهضة العلماء سنة 1984 امام الحاضرين في سيتوبوندو. ولم يسم صريحا بأن توفر هذه الثلاث تسمى الأخوة النهضية وانما انا هو الذي يقول ذالك محتجا بما قال الشيخ يحيى الرمباني بأن الشيخ أحمد صديق لم يصرح بأربع اخوات كما عدها بعض النهضيين بعده وتلك الاربع هن الاخوة النهضية والأخوة الاسلامية والأخوة الوطنية والأخوة الإنسانية.
وحيث قلنا بان الاخوة النهضية هي توفر تلك الثلاث فهذا هو مسودة نظرية وحيث قلنا بان الاخوة النهضية هي الأخوة بين النهضيين بعضهم لبعض فهذا هو تعريف.
فالإنسان في واقع الأمر ليس له انتماء واحد، فقد تتعدَّد انتماءات الإنسان باعتبارات شتَّى، ولا تناقض بينها. فالإنسان ينتمي إلى أسرته، وينتمي إلى قريته، وينتمي إلى محافظته، وينتمي إلى قُطره أو وطنه، وينتمي إلى إقليمه، وينتمي إلى قارَّته، وينتمي إلى دينه، وينتمي إلى أمَّته ، وينتمي إلى الأسرة الإنسانية. ولا حرج في ذلك ولا ضير، فهذه الانتماءات غير متعارضة ولا متناقضة، بل هي تعبِّر عن حقائق قائمة بالفعل، والعلاقة فيما بينها علاقة الخاص بالعام، والأخصِّ بالأعمِّ، وما بينهما. وهأنا اشرح تلك الأخوات الثلاث:
الاولى الأخوة الإسلامية
قال تعالى: انما المؤمنون اخوة. (الحجرات: ١۰) وقال النبي ﷺ: الا لا فضل لعربي على أعجمي ولا لاعجمي على عربي ولا لأحمر على اسود ولا لأسود على احمر الا بالتقوى (رواه احمد) وقال النبي ﷺ: المسلم اخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره.
فالأخوة الإسلامية هي بمعنى ان المسلمين ليسوا الا اخوة بعضهم لبعض فلا يكونون متباغضين ولا متنازعين ولا غير مبالين بعضهم بعضا بل انهم متحابين متراحمين فإنها اقوى الروابط بين الناس فإنها تجمع المسلمين وان كانوا من اماكن متفرقة وبلاد بعيدة وجنسيات مختلفة وقبائل شتى. الأخوة الإسلامية هي رباط الإيمان والإسلام وهو اقوى الروابط وأخطر، لأنه رباط بين العبد وربه وهو حاكم على رباط الدم والنسب وهو الرباط الباقي فلا ينفي والابدي فلا يزول.
يُنظرُ إلى الأخوّة الإسلامية على أنّها تشريعٌ ربّاني، ومبدأ إسلاميٌ، انطلاقاً من دلالة قوله -تعالى: (فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا) أي: أصبحتم بسبب نعمة الإسلام إخواناً في الدّين، وفي ضوء هذا الفهم؛ فإنّ الأخوة الإسلامية ليست تقليداً أعمى، ولا عادة موروثة، ولا تكتّلاً مرتبطا بوقت أو ظرف طارئ، بل هي عقدٌ لازم، ورباط دائم بين أهل الإيمان، لا ينفسخُ ولا يسقطُ بالتّخلّي، يؤكّد هذا قول الله -عزّ وجلّ-: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ). وقد ظهر ذلك جليّاً بالمؤاخاة بين المهاجرين والأنصار، وظلّت التّوجيهات الشرعية تُرسّخ هذا الفهم في مواقف كثيرة، ومناسبات عديدة؛ ففي حجّة الوداع أكّد -عليه الصلاة والسلام- على الأخوة الإسلامية ومقتضياتها، ثمّ إنّ الحقوق الكثيرة التي أوجبها الإسلام على أتباعه، مثل: النّصرة، والتعاون، والمحبّة، لا تأتي بلا إخوّة صادقة؛ فما لا يتمّ الواجب إلا به؛ فهو واجب.
الأُخوّة الإسلاميّة فإمّا أن تكون عامّةً، أو خاصّةً؛ فمن الحقوق العامّة: إفشاء السلام ورَدّه، وزيارة المريض، واتّباع الجنائز، وإجابة الدعوة، والوفاء بالعهد، وتشميت العاطس، ونُصرة المظلوم، ومساعدة المكروب، وعدم تتبُّع عيوب الآخرين، والتيسير على المُعسِر، وعدم الظلم أو التحقير، وغيرها. ومن الحقوق الخاصّة: عدم الهَجْر بما يزيد عن ثلاثة أيّامٍ لأسبابٍ شخصيّةٍ، والحرص على مساعدة الآخرين في شتّى الأحوال، وتفقُّد أحوالهم، وقضاء ما يحتاجونه، والابتعاد عن غِيبة الآخرين، أو ذِكْر عيوبهم، والحرص على التجاوُز عن الأخطاء، وتقبُّل النصيحة من الآخرين، والأمر بالمعروف، والنَّهي عن المُنكر، وغيرها. وتجدر الإشارة إلى أنّ الحقوق الخاصّة أهمّ وأعظم من الحقوق العامّة.
الثانية الأخوة الوطنية
الاسلام يشير بالأخوة الوطنية كما في قوله تعالى: والى عاد اخاهم هودا. (الاعراف:٦٥) وقوله تعالى: والى ثمود اخاهم صالحا. (الاعراف: ۷٣) قال تعالى ان هودا اخو عاد مع ان عادا كفروا ولم يؤمنوا برسالته وكذالك صالح. فالأخوة بينه وبينهم هي الأخوة النسبية والوطنية لأنهم من اصل واحد وبلد واحد.
قدمت هذا البحث ردا لمن قال ليس في الاسلام الأخوة الوطنية. فنهضة العلماء ترى انه ينبغي لكل فرد من ابناء اندونيسيا ان يحفظ هذه البلدة من الانكسار والتفرق وتشدد اهتمامها عليه بالمواقف الوطنية منذ ولادتها الى يومنا الحاضر ولا فرق عند نهضة العلماء هل كانت هذه المواقف توقعها في الخسارة بالنسبة الى الجمعية ام لا.
فحب الوطن والدفاع عنه فإن المسلم مطالب بحب بلدة فيها المسلمون كإندونيسيا ومطالب ايضا بالدفاع عنها وحفظها من الانكسار والتفرق لأن الفاقد للوطن فهو فاقد للامن والاستمرار والفاقد للامن والاستمرار فهو فاقد للإطمئنان في العيش. ومتى توفر الإطمئنان توفرت الظروف المناسبة لكى يعبد الله عز وجل. فالأخوة الوطنية لدى نهضة العلماء هي الدعوة الى جميع ابناء إندونيسيا مسلميها وكافريها لأن يقوموا لحفظها والدفاع عنها ونصرها من الأعداء حتى تكون دائمة بلدة آمنة مطمئنة.
ولكن حب الوطن لابمعنى ان الوطن ينزل منزلة الدين او يكون بديلا عنه. قال الشيخ يوسف القرضاوي فيه: “وتحدث المشكلة أيضا حين يغلو بعض الوطنيين في فكرة الوطنية، أو عاطفة الوطنية، حيث نرى بعضهم يجعلون الوطن مقابل (الدين) أو بديلا عن الدين، وإن شئتَ قلتَ: مقابل (الله) أو بديلا عن (الله)، فكما تبدأ الأمور (باسم الله) تبدأ باسم الوطن، وكما يُقسم الناس بالله، يُقسمون بالوطن، وكما يعمل الناس لوجه الله، يعملون لوجه الوطن!! وكأن الوطن أصبح إلها، أو وثنا يشركونه مع الله عزَّ وجلَّ. مع أن المسلم قد جعل محياه ومماته كما جعل صلاته ونسكه لله، كما قال تعالى لرسوله: {قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ} {الأنعام:163،162} والحسُّ الديني عند المسلم يرفض أن يقرن باسم الله اسما آخر، أو يُقسم بأحد أو بشيء مع الله، أو يعمل عملا لوجه غير وجه الله، ناهيك أن يفرده. ولقد رأينا النزعة الوطنية، حين تمزَّقت مظلَّة الخلافة الإسلامية، وانفرط عقد الأمة الواحدة، والدولة الواحدة، لتصبح أُمما أو أُميمات، أو دُولا أو دُويلات! تحاول كلُّ دولة أن تعزِّز وجودها (الوطني) الجديد، بفلسفة جديدة، ومفاهيم جديدة، يراد بها أن تبدِّل الولاء لله ولرسوله وللأمة المسلمة الكبرى، لتجعل بدله الولاء للوطن الصغير، الذي يُنبئ عنه عَلَم خاص، واسم خاص، وحدود خاصَّة، وتُنشد له الأشعار، وتُنشأ له الأناشيد، لتتعلَّق القلوب به، وتتَّجه المشاعر إليه. وتحدث المشكلة كذلك عندما تتحوَّل النزعة الوطنية إلى عصبية جاهلية، يتجمَّع فيها أهل الوطن ضدَّ غيرهم، وينحازون فيها بعضهم لبعض، ينصر أخاه في الوطن ظالما أو مظلوما، ويستجيب له إذا دعاه في الحقِّ أو الباطل. على نحو ما قيل في وصف أحد زعماء قبائل العرب: إذا غضب، غضب له مائة ألف سيف، لا يسألونه فيم غضب؟! وكما وصف أحد الشعراء أبناء قبيلته بقوله: لا يسألون أخاهم حين يندُبهم في النائبات على ما قال برهانا. فالمصيبة: أن تعين أهلك وقومك على ظلم الآخرين، وأن تشهد لهم على الآخرين محقِّين كانوا أم مبطلين، وأن تقول ما قال أتباع المتنبئين الكذبة من قبائل العرب أيام حروب الردَّة: كذاب ربيعة أحب إلينا من صادق مُضَر. هكذا تكون العصبية القومية، وكذلك تكون العصبية الوطنية، كما رأينا ذلك في النزعات النازية والفاشية في أوربا في أواسط القرن العشرين، من رفع شعارات: ألمانيا فوق الجميع، وإيطاليا فوق الجميع. والإسلام يعلِّم المسلم: أن يدور مع الحقِّ حيث دار، وأن يقول الحقَّ وإن كان مرًّا، وأن يكون قوَّاما بالقسط شهيدا لله، ولو على نفسه أو الوالدين والأقربين، وكذلك لا يجرمه شنآن قوم على أن لا يعدل، بل يجب أن يقوم بالقسط مع مَن يحبُّ، ومع مَن يكره. فعدل الله لجميع عباد الله. ومن هنا أنكر الإسلام العصبية بكلِّ أنواعها، سواء كانت عصبية قبلية، أم عصبية قومية، أم عصبية إقليمية، أم أي عصبية كانت. روى الإمام مسلم في صحيحه: عن أبي هريرة، عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: “مَن قاتل تحت راية عُمية، يغضب لعَصَبَة، أو يدعو إلى عَصَبَة، أو ينصر عَصَبَة، فقُتِل، فقِتلَته جاهلية”.
الثالثة الأخوة الإنسانية
ان الإنسان جميعا ابناء رجل واحد وامرأة واحدة قال تعالى: يا ايها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تسائلون به والارحام ان الله كان عليكم رقيبا (النساء: ١) روي عن زيد بن ارقم قال سمعت نبي الله ﷺ يقول في دبر صلاته: انا شهيد ان العباد كلهم اخوة رواه ابو داود. فالنبي ﷺ يعلن الأخوة بين عباد الله جميعا لا بين العرب وحدهم ولا بين المسلمين وحدهم بل هي اخوة بين بني البشر جميعا على اختلاف اجناسهم واعراقهم والوانهم وطبقاتهم ومللهم ونحلهم. قال تعالى: يا ايها الناس انا خلقناكم من ذكر وأنثي وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم ان الله عليم خبير. (الحجرات: ١٣) قال النبي ﷺ: الا لا فضل لعربي على أعجمي ولا لعجمي على عربي ولا لأحمر على اسود ولا لأسود علي احمر الا بالتقوى (فإن الله قد) حرم بينكم دماءكم واموالكم وأعراضكم رواه احمد عن ابي نضرة.
قال الدكتور الضويني “أن «الأخوة الإنسانية» تنادي على الناس بقيم التعارف والتعايش، والتواصل والحوار، وإقرار هذه المبادئ لا يعني أبدا التفريط في الحقوق، ولا الاعتداء على الخصوصيات، ولا مسخ الهويات، ولا الإساءة إلى المعتقدات، كما يظن البعض، فالعقيدة ليست مجالا للمساومات ولا المفاوضات، كما أن الأخوة الإنسانية» لا تفرق بين الشعوب، فليس لشعب حق في الحياة دون شعب، ولا تفاضل بين الأمم، فليس لأمة حق في الأمن دون أمة. وأن ديننا وأمتنا وبلادنا بلاد التسامح، وثقافة التسامح التي يحيا بها الناس في مصر وفي الإمارات وفي غيرها من البلاد هي فضيلة إسلامية إنسانية بامتياز، حث عليها وحي السماء، وغرسها في نفوس البشر وضمائرهم؛ من أجل التخلي عن الأمراض الاجتماعية والنفسية والثقافية كالكراهية والحقد والعنف وغيرها من الأمراض التي تترك آثارا هدامة في حياة الأفراد والمجتمعات. وبيَّن الدكتور الضويني، أن الشرائع السماوية تتفق على قيمة التسامح، وتخصها بقسط وافر من النصوص، ولو أن أتباع الوحي تلقوا نصوصه بعيدا عن تحريف المغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين، لأمن كل إنسان على نفسه في أي مكان وأي زمان، وقد جاء الإسلام بجملة من المبادئ الأخلاقية والقيم الحضارية التي تعصم النفوس، وتحفظ الأرواح، وتضبط حركة الحياة والأحياء، فلا فرق في الإسلام بين بني الإنسان بسبب اللون، أو الجنس، أو اللسان، فهم جميعا من أصل واحد: أب واحد، وأم واحدة. و أن نفس الإنسان في الإسلام مصونة معصومة أيا كان هذا الإنسان، وإزهاق نفس واحدة في أحكام الإسلام كقتل البشرية كلها، وإحياء نفس في أحكام الإسلام كإحياء البشرية كلها؛ ولقد استطاع سيدنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يرعى مبادئ الخير والحب والسلام، حتى أثمرت أخوة وتسامحا في مكة، ووثيقة تنظم العلاقات في المدينة المنورة، وترك هذه المبادئ في الأمة سنة باقية إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، تستطيع بها الأمة أن تتعايش مع الكون كله، وقد أثبت التاريخ صدق ذلك وواقعيته.”
قال الدكتور خالد اليبهوني الظاهري مدير جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية “ان الأخوة الإنسانية تقوم على مجموعة من المبادئ والأسس من أهمها الوحدة البشرية التي تزيل جميع الفوارق بين البشر، واحترام حق أي إنسان في العيش بكرامة وحرية وأمان وسلام واحترام، وفي مواطنة كاملة وعدالة شاملة مؤكداً دور الجامعات ومراكز الفكر في إيجاد مؤسسات تحمل رسالة تنويرية في تأصيل ثقافة التعايش السلمي وتعزيزها”.
وقال الدكتور عمر حبتور الدرعي، مدير عام مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي، عضو مجلس أمناء جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية “إن الأخوة الإنسانية في المنهج القرآني تعد فوق جميع اعتبارات الجنس والنوع واللون والدين والثقافة، ولا يمكن اعتبارها قيمة مستقلة عن غيرها من القيم بل هي ضمن مجموع القيم المنظمة للعلاقات مع الآخر وأن الإنسان هو محور الأديان كافة والإنسانية وفق الرؤية القرآنية قيمة أساسية ضمن منظومة القيم الحضارية مؤكداً أن الإسلام والديانات الأخرى كلها عظمت من شأن الإنسان ودعت إلى الحوار والتعايش.”
RESIKO PERNIKAHAN SEDARAH DARI KLAN HABIB BA’ALWI DITINJAU DARI SISI GENETIKA
"Saya seorang Muslim dan agama saya membuat saya menentang segala bentuk rasisme. Itu membuat saya tidak menilai pria mana pun...
Read more